جارية لو أماطت نقابها للبدر لتلثم، ولو عاطت رضا بها البريء لتأثم، لو ألمت بحبها عزة الميلاء لما مالت، أو دعت لبنى للبثّ ما قالت، أو أسفرت لابن الرقيات لما رابه من ليلى أذى، أو جليت على بقية العشاق لعذر جميل إذ قال:
(رمى الله في عيني بثينة بالقذى)«١» ، مع سرعة بوادرر، وطرف نوادر، وحسن غناء يجر الافئدة بأشطان «٢» ، وينفذ إلى القلوب بسلطان، وينفث السحر، فلا غرو إذا قيل إن الغناء مزمار الشيطان.
ومن أصواتها:«٣»[الطويل]
وإني لأستحيي القنوع ومذهبي ... فسيح وآبى الشح إلا على عرضي
وما كان مثلي يعتريك رجاؤه ... ولكن أساءت سيمة من فتى محض
وإني وأشواقي إليك بهمتي ... لكالمستقي من زبدة الماء بالمخض
والشعر لمسلم بن الوليد، والغناء فيه من أول الثقيل، وكذلك صوتها:«٤»[الخفيف]
يا شبابي وأين مني شبابي ... آذنتني أيامه بانقضاب
ومعز عن الشباب مواس ... بمشيب اللدات والأصحاب
قلت لما انتحى يعد أساه ... من مصاب شبابه فمصاب
ليس تأسو كلوم غيري كلومي ... ما به ما به وما بي وما بي