رجال متى يدعوا إلى الموت يرقلوا ... إليه كإرقال الجمال المصاعب
إذا فزعوا مدوا إلى الليل صارخا ... كموج الأتي المزبد المتراكب
صبحناهم الآطام حول مزاحم ... قوانس أولى بيضها كالكواكب
إذا ما فررنا كان أسوا فرارنا ... صدود الخدود وازورار المناكب
إذا قصرت أسيافنا كان وصلنا ... إلى نسب من جذع غسان ثاقب «١»
صبحناهم شهباء يبرق بيضها ... تبين خلاخيل النساء الهوارب
فأبنا إلى أبياتنا ونسائنا ... وما من تركنا في بعاث بآئب
وحكي أن عبد الرحمن [ص ٣٩٥] عزم على التفسّح في بعض الظواهر مدة يقيم بها في مضارب نصبت له على نهر يروق انحداره، وربيع بقل في وجنة الروض عذاره وكان الشتاء قد كلح وساء به مزاج الزمان ثم صلح، فلما عزم على الخروج أتت جواريه لوداعه، ورداح بينهن قد اغرورقت مقلتاها بالمدامع، وقطعت لديها أعناق المطامع، فوقفت وقفة المتعني، ثم اندفعت في صوت صنعته تغني:«٢»[البسيط]
شط المزار بحدوى وانتهى الأمل ... فلا خيال ولا عهد ولا طلل
إلا رجاء فما تدري أندركه ... أم يستمر فيأتي دونه الأجل
والشعر لعمرو بن أحمر الباهلي «٣» ، والغناء فيه من الهزج، ثم اتبعته بصوت آخر صنعته:[الطويل]
إذا ما كتمنا الحب نمّت عيوننا ... علينا وأبدته العيون السواكب