غير طائع، فسايرهن ليله كله، حتى قوض بناء الليل، وأقبل الصباح في كتيبته الشهباء مبّتوث «١» الحيل، فرجع وقد صدعت أحشاؤه مغارب تلك النجوم، وأغرت مقلته سحائب تلك الدموع السجوم فقال:«٢»[الكامل]
سايرته والليل غفل ثوبه ... حتى تبدى للنواظر معلما
فوقفت ثمّ مودّعا وتسلمت «٣» ... مني يد الأصباح تلك الأنجما
ثم بعث بها إلى سعدى وأمرها أن تغني منها صوتا، فغنت فيه.
ومن أصوات سعدى المشهور لها:«٤»[السريع]
إن الذي هامت به النفس ... عاودها من سقمها نكس
كانت إذا ما جاءها المبتلى ... أبرأه من كفها اللمس
وا بأبي الوجه الجميل الذي ... قد حسدته الجن والإنس
إن تكن الحمى أضرت به ... فربما تنكسف الشمس
والشعر للعباس بن الأحنف، واقترحه المعتمد عليها.
وقد دخل على جارية له، رآها مدنفة مصفرة لتوالي الحمى، قد امتقع بالصفرة بياض صفحتها، وردّى الغيار محاسن لمحتها، فبرزت كالشمس في الكسوف، والقمر في الخسوف، ولوحه هجير الحمى، ثم فارقها ووجهها كأنه الدينار المشوف «٥» ، وكان المعتمد لا يزال على جواريه يقترح، ولأزندة خواطرهن يقتدح.