القاضي نفسه، فيقال «١» : لأنه شهد السلطان عنده فما قبله، فيقال: لأي شيء ما قبله؟ فيقال: لأجل عجيبة، فتتمضمض بنا العوام، وتطير بها الأخبار إلى بغداد وإلى الملوك، فقال: صدقت، ونهض إلى القاضي فترضّاه، وأعاده إلى القضاء، وتأخر الأمر الذي كان يريد أن يشهد به.
عدنا إلى ذكر عجيبة والذي نعرف من أصواتها:[البسيط]
رفقا على ما أبقيت من رمقي ... لا تأتسي لي بأن أبقى ولا تبقي «٢»
هيهات أين البقا من موجع كمد ... عليك صب بنار الشوق محترق
يا سائلي عن دمي لا تطلبوا أحدا ... بعدي به فدمي المسفوك في عنقي
إني حملت على نفسي لشقوتها ... مثل الجبال من البلوى فلم تطق
فمن رأى ليت شعري مثل موقفنا ... يوم النوى أبحرا تجري من الحرق
يا آمري في دموعي بعد ما فنيت ... بأن أصون وأحمي ما عساه بقي
والشعر لابن حجاج.
وحكي أنه أمر بها فأحضرت والغيم قد فرق في السماء قطعه، وطرز مذهّب البروق خلعه، وتشرين قد أرسل نجائب السحائب محبرة، والخريف قد جاء وراياته المختلفة مبشرة، وثغر الروض قد راق، ووقت السرور قد لاق، ولمى النهر قد حلا في فم من ذاق، وحر الهجير قد خمد لهيبه، وسبج «٣» الفحم قد آن في المواقد ذهيبه، والبيوت قد هيّئت للكنّ، والمنازل [ص ٤١٥] قد قربت إلى الدنّ، والرواق قد رفعت صلبه المعلقة، والكؤوس بنطف الماء مخلقة وغير مخلقة، وقد حصل العود والعود، وأزلف المجلس لتطلع فيه طوالع السعود،