بسم الله الرحمن الرحيم على الله توكلت* ثم كانت وزراء وكتاب، مع من سمّينا وبعدهم في خدمة الخلفاء والملوك، ممن لم يرض البرق شرارة من زياده، ولا العنبر الهندي مدة لمداده؛ طالما عد الهلال لقلمه قلامة، وكان الأفق لزهره كمامة، ومد الصباح له صحيفة، وألقى بالرماح لقضيّته في كفه نحيفة؛ وحصل لهم من النعم ما فاض فضله، ومن النقم ما أعيت عضله؛ وسنأتي منهم على الغرض: فمنهم من نذكره لاشتهار اسمه، ومنهم من نذكره باستحقاقه؛ ثم هؤلاء على قسمين: قسم اشتهر للإكثار ولا يتعدى طبقة المقبول، وقسم منهم أصحاب الغوص؛ وأكثر ما تجد ذلك للمتأخرين، فقد أبدعوا في استخراج المعاني وتوليدها؛ وقبل ذكرهم نقول:
إن كتابة الإنشاء كانت في المشرق في خلافة بني العباس منوطة بالوزراء، وربما انفرد بها رجل؛ وذكر ابن عبدوس «١» في مواضع من كتابه من [ولي] ديوان السّرّ وديوان التّرسّل؛ ثم كانت آخر وقت قد أفردت، واستقل بها كتاب لم يبلغوا مبلغ الوزارة، وكان في المشرق يسمى كاتب الإنشاء، ثم لما كثر عددهم سمي رئيسهم رئيس ديوان الإنشاء، ثم بقي يطلق عليه تارة صاحب ديوان الإنشاء، وتارة كاتب السر؛ وهي إلي أحبّ، وعندي أنبه، وعند الناس أدل؛ وكان في دول السلاجقة وملوك الشرق يسمى ديوان الطغراوية، وبه سمي مؤيد الدين الطغرائي «٢» ،- والطغراء هي الطرة، وهي التي تكتب فوق البسملة بالقلم