الغليظ، يتضمن ألقاب الملك، وهي لفظة أعجمية، وكانت تقوم مقام خط السلطان بيده على المناشير والكتب، ويستغنى بذلك عن أن يكون للسلطان علامة بخطه، لكثرة الوثوق بصاحب هذه الرتبة- و [عند] أهل المغرب يسمى رئيس ديوان الإنشاء صاحب القلم الأعلى.
وأهل هذه الرتبة لم يزل لهم الاختصاص والقرب أكثر من كل عام وخاص، يحتاج الأمراء إلى مداراتهم، وتقصر الوزراء مع علو رتبة الوزارة عن مناراتهم؛ يجتمعون بالملك إذا أرادوا على عدد الأنفاس، وهم معنى الدولة وعليهم عولة كل الناس.
وآخر ما كانت الملوك لا تكاتب الخلفاء ببغداد إلا إلى هذا الديوان، أعني ديوان الإنشاء، وكانت تسميه الديوان العزيز، ولهذا كانت كتبهم تستفتح: أدام الله أيام الديوان العزيز؛ إشارة إلى ديوان الإنشاء، لأن الكتب كانت إليه، والمخاطبة له، وهو المراد بقولهم فيما يوجد في التواريخ وكتب الإنشاء والترسّل:
الديوان العزيز؛ وعليه كان يطلق هذا الاسم، وله بهذا من الشرف ما له، ومن الفخر ما يجر على السماء أذياله؛ وقد آن أن نذكر من القسمين من يذكر:
فأما القسم الأول: فمنهم عبد الحميد وابن العميد والصاحب بن عباد، وهم وإن كانوا من مشاهير الكتاب فإنهم بعداء من الغوص وحسن التوكيد والاختراع، وقد قدمنا في تراجمهم مع الوزراء عنوان قولهم ومبلغ طولهم.