للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقرأها وجد فيها من طرائف الألوان، الملذة للسان، وبدائع الطعوم، السائغة في الحلقوم، ما لا يجد عند غيرهم، ولا يناله إلا لديهم.

وأمره أن يتتبع ما يعرض لموسري التجار، ومجهزي الأمصار من وكيرة [الدار، والعرس] والإعذار «١» فإنهم يوسعون على أنفسهم في النوائب بحسب تضييعهم «٢» عليها في الراتب.

وأمره أن يصادق قهارمة الدور ومدبريها، ويرافق وكلاء المطابخ وحماليها؛ فإنهم يملكون من أصحابهم أزمة مطاعمهم ومشاربهم، ويضعونها بحيث يحبون من أهل موداتهم ومعارفهم؛ وإذا عدّت هذه الطائفة أحدا من الناس من خلانها، واتخذته أخا من إخوانها، سعد بمرافقتها، وحظي بمصادقتها، ووصل إلى محابه من جهاتها، وسار به إلى جنباتها «٣» .

وأمره أن يتعهد أسواق المتسوقين، ومواسم المتبايعين؛ فإذا رأى وظيفة قد زيد فيها «٤» ، وأطعمة قد استحشد مشتريها، اتبعها إلى المقصد بها، وشيعها إلى المنازل الحاوية لها، واستعلم ميقات الدعوة ومن يحضرها من أهل اليسار والمروءة؛ فإنه لا يخلو فيهم من عارف به يراعي وقت مصيره إليها ليتبعه، ويكمن له ليصحبه ويدخل معه وإن خلا من ذلك اختلط بزمر الداخلين، فما هو إلا أن يتجاوز عتب الأبواب، ويخرج من سلطان البوابين والحجاب، حتى يحصل محصلا قل ما حصله أحد قبله، فما انصرف عنه «٥» إلا ضلعا من الطعام، نزيفا من المدام.

<<  <  ج: ص:  >  >>