للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألوان، وتسري نجوم زباديها «١» في سماء الخوان، وقد تحويه دور بعض البخلا، ومن لا يدعو الناس إلى طعامه دعوة الجفلى «٢» ، ويكون في ماله الممنوع حق للسائل والمحروم، ومن لا يتوصل إلى الحق منه إلا بالتطفيل المعلوم، ممن تعيّن الأكل من ماله بأنواع الحيل، والهجوم على موائده المحجوبة وراء الحلل، واستعمال الإقدام على هذا وأمثاله لأكل طعامه، وإخلاء المائدة من قدامه؛ ولم يوجد لهذه العظيمة، ولا يلام صاحب كل وليمة، إلا من كان إذا أكل اضطلع، وإذا مد يده إلى السماط اقتلع، أو صعد إلى السماء ذبح سعد الذابح وبلع سعد بلع؛ ولم يزل يزلزل الموائد، ويملأ وعاء بطنه بزائد، ولا يعرف ما تكون البطنة، ولا ما تكفي منه اللقمة وتعني منه اللهنة، ولا يقابله صدور الأطباق إلا وهي غير مطمئنة.

وكان فلان هو الذي طالما كشف وجه السماط، وحل من سفر المخالي الرباط، وجال في جنبات الموائد حتى أخلاها، وركض فيها ركض الجواد حتى ألحق أخراها بأولاها، وعرف في الولائم التي لم يزل فيها مشهور الحملة، آتيا على التفصيل والجملة، معروفا بكبر اللقم التي تكاد تخنق، وترك التشهي وأكل ما يتفق، وقوة النهمة التي لو نقمت [على] الصخر لسحنته، أو كلفت خوض البحر إلى أكل لقمة واحدة لاستهونته؛ واشتهر بطبع طبع، عنّى كل من يجيء بعده وأتعب، وفرط طمع أطفأ كل طفيلي وأمات أشعب وأم أشعب، ولم يعصم منه باب مغلق، ولا ستر مطبق ولا طعام جالس على الطريق، ولا محبوس من وراء مضيق، بل لو قيل له: إنّ اللقمة خلف جبل قاف لقام إليها يسعى، أو في فم الأفعى لمد يده إليها ولم يخف لسعا، قد تبلط وجهه الوقاح، وأفنى لحوم ذوات الأربع والجناح، ولم يدع في القدور شيئا عليه يدور، ولا في المخافي ما هو عليه خافي، ولا نوعا من الأنواع، ولا ما يصلح للأكل مما يشترى ويباع؛ ولو واكل ابن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>