للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحشاه فتيلا، ثم أضرم في الفتيل نارا، ولم يتأوه، والنّار تحطمه عضوا عضوا، وتأكله جزءا جزءا؛ فأما محرق نفسه ومغرقها، وآكل لحمه ومفصّل عظمه، والرّامي بها من شاهق، فأكثر من أن يعد؛ وأقلهم من يموت حتف أنفه، فإذا مات هذه الميتة أحدهم «١» سبّ بها أعقابه، وعظم عندهم عقابه.

بلاد هذه حالها، وفيلة تلك أهوالها، وجبال في السّماء قلالها، وفلاة يلمع آلها، وغياض ضيق مجالها، وأنهار كثيرة أو حالها، وطريق طويل [مطالها] ، ثم الهند ورجالها، والهندوانيّة واستعمالها.

زحم الأمير- أدام الله سلطانه- بمنكبه هذه الأهوال محتسبا نفسه، معتمدا نصر الله وعونه، فركض إليهم بعون من الله لا يخذل، ومدد من التوفيق لا يفتر، وقلب عن الأهوال لا يجبن، وجدّ على المطلوب لا يقصر، وسيف عن الضّريبة لا ينكل؛ فسهّل الله له الصّعب، وكشف به الخطب، ورجع ثانيا من عنانه بالأسارى، تنظمهم الأغلال، والسّبايا تنقلهم الجمال، والفيلة كأنّها الجبال، والأموال ولا الرّمال.

فتح الله ذخره عن الملوك السالفة الخالية، الكفرة الطّاغية، الجبابرة العاتية، حتّى وسمه الله بناره، وجعله بعض آثاره؛ فالحمد لله معزّ الدين وأهله، ومذلّ الشّرك وحزبه.

* وله إليه أيضا «٢» : رقعتي هذه- أطال الله بقاء الشيخ الجليل- من بعض الفلوات، ولو جهلت أن الحذق لا يزيد في الرزق، وأنّ الدّعة لا تحجب السّعة، لعذرت نفسي في الرّحل أشدّه، والحبل أمدّه؛ ولكنّي أعلم هذا وأعمل ضدّه، وأصل سراي

<<  <  ج: ص:  >  >>