الأسباب، محكّمة كنشوة الرّاح للألباب؛ فآها له من خبر طواه أمسه، ومن بحر حواه رمسه، ومن حرّ أضاء ليوم «١» ، ما طلع حتى غابت شمسه.
وله كتاب «اليميني في تاريخ السّلطان محمود بن سبكتكين»«٢» كأنّه روضة غناء وعقد منظوم، وأفق مكوكب، بديع الجملة، حسن المجموع.
* ومن نثره قوله قرين نصل أهداه «٣» : خير ما تقرب به الأصاغر إلى الأكابر، ما وافق شكل الحال، وقام مقام المقال؛ وقد بعثت بنصل هندي، إن لم يكن له في قيم الأشياء خطر فله في قمم الأعداء أثر؛ والنّصل والنّصر أخوان، والإقبال والقبول قرينان؛ والشيخ أجلّ من أن يرى إبطال حلية الأبطال، ويردّ إقبال مستجلب الإقبال.
ومنه قوله من كتاب كتبه عن السّلطان محمود: ووصلنا إلى السومنات «٤» ، فوجدناها تخفي الرياح في مساربها، وتزلّ الأبصار بين ذوائبها، بين غياض تشكو الأراقم فيها ضيق المضطرب، وصعوبة المنسرب، متكاثفة كأعراف الجياد، متداخلة كأشعار الحداد، لا تستجيب فيها الأفاعي للرّقاة، ولا يستنير البدر عندها للسّراة، في أذيال جبال تناغي كواكب الجوزاء، وخلال آجام تواري وجه الأرض عن عين السّماء، فوافينا وقد أثقل العيون كراها، وأتعب النّجوم سراها، في مدّة اتصلت كعوب أيامها، وتناسقت