للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدّهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكدّ بالقفل

إنّ العلى حدّثتني وهي صادقة ... فيما تحدّث أنّ العزّ في النّقل

لو أنّ في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبلغ الشمس يوما دارة الحمل

تقدّمتني رجال كان شوطهم ... وراء وطئي إذا أمشي على مهل

أعدى عدوّك أدنى من وثقت به ... فحاذر النّاس واصحبهم على وجل

وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة في انحطاط الشّمس عن زحل

وإنّما رجل الدّنيا وواحدها ... من لا يعوّل في الدّنيا على رجل

وقد قال لمّا ولي ديوان الطّغراء، وكان قد كبر وأفن: من فتح دكّانه بعد العصر، أي شيء يتعيش؟.

* ومن نثره قوله: وما كان إلّا أن تداعوا بالرّحيل، وقدّمت لهم النّياق للتّحويل، وإذا بقلبي قد ودّعني وسار، وهزّ جناحه الخافق وطار، فعدت- علم الله- لا أستطيع منعه، ولا أعقل فأجري لي دمعة، إلى أن بكّرت عليّ العاذلات، وهبت إليّ باللّوم قائلات: أمالك أسوة بالمحبّين الألى؟ فقلت: لا؛ فمازلن يرقعن جلدي، ويمسكن تجلّدي، وأنا لا أسكن إلى حول، ولا أطمئنّ إلى قول، حتّى غلبتني صرعة كرى، فتخيلت [أنّي] أرى خيالا عاد مخبرا، وخيالا من الحبيب زار مزوّرا؛ فإذا بتمثال الأحباب بين يديّ مصورا، فقال لي ذلك الطّيف الطّارق، تحت ستور الليل الغاسق: مالك ولهذه الحالة الشنيعة؟ أما كنت ترضى بأن يكون قلبك عندنا وديعة؟ فها خذها إليك، والسّلام عليك؛ فقلت: ناشدتك الله أيّها الخيال الزّائر، والمثال السّائر، إلّا ما تريثت، ووقفت فتلبثت؛ فما زاد على أن زال، ولا حام حتّى حال؛ ثم ولّى وما ودّع، وأشبه مشبهه في الجفاء وما أبدع.

<<  <  ج: ص:  >  >>