للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، مع العلم بوضوح دليله، والمعرفة بكثيره وقليله، وأنى يتجاوز تلك الصّفة وهو ينبوع الوفاء ومنبته، وممكن أسّه ومثبته: [الرجز]

تسكن أحشائي إلى حفاظكم ... سكون أجفاني إلى رقادها

وأما تخلّفه عن الزيارة للعذر الذي نصّه، فقد رأيت ليلتي بغيبته، فكأنّها قرنت بيوم الحساب الأطول، أو علّقت نحومها السيارة بأمراس كتّان إلى صمّ جندل «١» .

ومنه قوله: فارقني مولاي، وخلّفني خلف السهاد، مفترشا شوك القتاد، أتذكر أخلاقه تذكّر الفقير غناه، وابن ذريح لبناه، وامتدّ عليّ رواق الليلة المذكورة، حتّى كأنّ نجومها شدّت بمناكب أبان، وقمرها يسير في فلك كيوان: [من البسيط]

يئست من صبحها حتّى التفتّ إلى ... وجه الظّلام أعزّيه بفقدان

ولم تزل هذه حالي في الوحشة، إلى حين وصول الرّقعة الأثيرية؛ فإنها رقعت هلهلا من الجدل مخلقا، وتركت داويا من المسّرة قصرا مونقا؛ ووقفت عليها، فقلت: أجرى الطّرس سطورا؟ أم زهري منثورا؟ أو نظمت البراعة ألفاظا أدبية؟

أم سلوكا ذهبية؟ وأنا أجيب عنها، ولكن كما يجيب قسّا باقل، وتفاخر السّحب المثقلة جداول؛ لمّا علمت أنّه قد عبث عليّ من وجه صحيح، لقيته مخفوض الجناح، وقابلته بالاستغفار والاستفصاح؛ إذ أنا بحمد الله تعالى ليّن الكنف تحت ظلال المودّة، شديد في هواجر الشّدة: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>