واستخدم شاور «١» القاضي الفاضل في ديوان المكاتبات مع الموفق ابن الخلال «٢» .
ومولده يوم الاثنين، خامس عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمئة. هو والله البحر الزّاخر، والبرّ الذي ما سلك طريقه أول ولا آخر، وما مثله هو ومن تقدمه إلّا مثل النّجوم طلع عليها الصّباح، والكروم أوّلها زرجون وآخرها راح؛ بل الحدائد قبل تطبيق الصّفاح، والموارد قبل تصفيق الرّياح، تقدّموا قدّامه وغرقوا في سيله، وخلقوا قبله وجاؤوا في ذيله؛ وكلّ وصف قلت في غيره، فإنّه تجربة الخاطر، هو أكثر من كل قول، وأكبر من مقدار كل طول.
لقد صادف هذا الاسم منه الاستحقاق، لفضائله التي تبلجت تبلّج الصّباح في الآفاق؛ لقد وطّد ملك الدّولة بآرائه، جمع السّيوف والأقلام تحت لوائه؛ وكان يناضل بجلادة عن حماها؛ يرتشف الزّلال من رتق قلمه، وتلتحف الظّلال بسحب نعمه؛ وله في الإنشاء تفنّن، منه ما يروع الخيل صهيلا، ومنه ما يروق عذبا سلسبيلا؛ يفتّ العنبر على سطوره، ويفوت الجوهر طلّ منثوره؛ تعقد رسائله راحا براح، وجنى جنّاته بجنى تفّاح، وتلتقط في مهارقه بنفسج من أقاح؛ أطرب من مناجاة النّدام، وأطيب من معاطاة المدام؛ طالما كتب جمانا، وكبت أغصانا، ولان فاجتنى عسلا، وقسي فانبرى أسلا، يسجع كالحمام، ويصرع كالحمام، وقد سطّرت بحسناته الصّحف، وصوّرت من حسانه ذوات القلائد والشّنف؛ وطرق النّجد والوادي، ونطق به المدّاح والحادي، وحاضر به الحاضر والبادي، وسامر به السّامر وترنم الشّادي؛ وغادر له الأرض مذهبا مذهبا، وغادى الغوادي مصوّبا مصوّبا، وسار مقرّبا، مقرّبا وصار للمشرق مشرّقا