من عبد الله ووليّه عبد الله الإمام العاضد لدين الله أمير المؤمنين، إلى الملك العادل، المعظم، الزّاهد المجاهد، المؤيّد، المنصور، المظفّر، نور الدّين، ركن الإسلام والمسلمين، عمدة الموحّدين، قسيم الدولة، مجير الأمة، عضد الملّة، حافظ الثّغور، غياث الجمهور، قامع الملحدين، قاهر المشركين، خالصة أمير المؤمنين؛ رفع الله به منار الدين، وأعلى بعزائمه رايات الموحدين، وأحسن توفيقه في خدمة أمير المؤمنين:
سلام عليك؛ فإنّ أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، الأئمة المهديين، وسلّم تسليما؛ أما بعد:
فإنّه عرضت بحضرة أمير المومنين مكاتبتك التي أديت بها واجب حقه، وقمت بمفترضه، وصدرت عن قلب شفاه الدّين بهديه، من داء الضّلال ومرضه، وتؤمّلت بمقرّ جلاله ومحلّ أمانته، التي منح الله بها الدين مزية إكماله؛ فصرف إليها أمير المؤمنين سمع الإصغاء وطرفه، وعرف منها أرج الولاء الصادق وعرفه، ووقف عليك من لطيف ملاحظاته ما يديم النعم، وأهدى إليك من شريف دعواته ما إذا حصل لك جمع المسلمين عمّ.
فأما تلقيك أوامره بالامتثال، وإنابتك عن العزم الذي ضربت به الأمثال، وأضربت عنه الأمثال، وتجريدك العساكر التي شدّت من الموحّدين، وشادت مباني الدين، ونكص العدو بخبرها قبل نظرها، وانصرف عن بلاد الإسلام بأخزى خجله وأظهرها، وتقديمك عليها من ارتضاه أمير المؤمنين لارتضائك، وانتضاه في يد الحقّ تيمنا بانتضائك، وأمضى عزمه في تقليد ملكه إذ علم أن عزمه مشتق من مضائك، فقد شكر الله وأمير المؤمنين لك- أيّها الملك العادل-