هذا الأثر، وذخر لك منه حسنة لم تبسم عن مثلها ثغور الصّحائف والسّير، وميزك على ملوك الشّرق والغرب بفضل هذا النظر؛ ونصرت الدين الحنيف، والبيت الشّريف، وعند مآثرك الحسنى نشهد بها فتغني عن الإيضاح والتعريف، وهدمت الباطل حين أرست خيامه، وثبّتّ الحقّ حين هفت أعلامه، واخترت لخدمة أمير المؤمنين من هو مكان الاختيار وفوقه، وحمّلت العبء الثقيل من يستقلّ به ويحمل أوقه، وقلدت الأمر الجليل من لا يعجز قدرته وطوقه؛ ووردوا إلى الفناء النّبويّ بيض الوجوه بنصر واضح، شمّ الأنوف بتفريج غمّة «١» الخطب الكالح، جذلى القلوب بصفقة العمل الرّابح الصّالح، ظاهرة عليهم آثار آدابك الحسنى، بادية فيهم أنوار صوابك الذي ليس فيه مستثنى لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ، وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ، وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
«٢» وقد كانت جنايات من تقدم نظره «٣» ، عظمت عن الاحتمال، وتجاوزت إلى الدّين بعد أن تجاوزت المال، وظهرت أمارات استنصاره بمن استنصر به بالأمس، وتعويله على ما نزّه الله أمير المؤمنين أن يكون به راضي اللّسان والنفس، لأن الله استخلفه لاستقامة كلمة جدّه، واكتفى بهديه وهدي آله عن أن يقفّى برسول من بعده، وحينئذ بدت للمشار إليه سوءاته، وأحاطت به خطيئاته، وقصّرت في مجال الحياة خطواته، ولقي عن كثب حتفه، وأصبح نكالا لما بين يديه وما خلفه؛ فهنالك أجمع أمير المؤمنين والمؤمنون على تقليد السّيّد الأجلّ، الملك المنصور وليّ الأئمة محيي الأمة، سلطان الجيوش، أسد الدّين، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين، أبي الحارث شيركوه العاضدي، عضد الله به الدّين، وأمتع