سويداوات قلوب العساكر، وأجنحة الدّعاء المحلّق إلى السماء من أفق المنابر.
ومنه قوله: سرنا وروضة السماء فيها من الزهر زهر، ومن المجرة نهر، والليل كالبنفسج تخلله من النجوم أقاح، أو كالريح شمله من الرّمح جراح، والكواكب سائرات المواكب لا معرّس لها دون الصبّاح، وسهيل كالظمآن تدلّى إلى الأرض ليشرب، أو الكريم أنف من المقام بدار الذّلّ فتغرب، فكأنه قبس تتلاعب به الرياح، أو زينة قدمها بين يدي الصباح، أو ناظر يغمضه الغيظ ويفتحه، أو مغنى يغمصه «١»
الحسن ثم يشرحه، أو صديق لجماعة الكواكب مغاضب، أو رقيب على المواكب مواظب، أو فارس يحمل على الأعقاب، أو داع به إليه وقد شردت عن الأصحاب؛ والجوزاء كالسّرادق المضروب أو الهودج المنصوب، أو الشجرة المنورة، أو الحبر المصورة؛ والثّريا قد همّ عنقودها أن يتدلّى، وجيش الليل قد همّ أن يتولّى.
ومنه قوله: وأما النيل فقد ملأ البقاع، وانتقل من الإصبع إلى الذراع، فكأنما غار على الأرض فغطّاها، وأغار عليها فاستقعدها وما تخطّاها، فما يوجد بمصر قاطع طريق سواه، ولا مرغوب مرهوب إلّا إياه.
ومنه قوله في جواب كتاب بعثه العماد الكاتب «٢» في ورق أحمر، فقطعت العرب الطريق على حامله وأخذوه، ثم أعادوه:
ووصل منها كتاب بآخر جرابه، لأن العرب قطعوا طريقه، وعقّوا عقيقه، ثم أعادوه وما استطاعت أيديهم أن تقبض جمره، ولا ألبابهم أن تسيغ خمره، ولا