للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّلطانية للحرب التي تسلب الأجسام رؤوسها، والسّيوف حدّها، فإن الجنة غالية الثمن، والخطاب بالجهاد متوجه إلى الملك العادل دون ملوك الأرض وإلّا فمن؟ فهذه تشترى بالمشقّات، كما أنّ الأخرى- أعاذنا الله منها- رخيصة الثّمن وتشترى بالشهوات.

ومنه قوله: وقف الخادم على ما شرّف به طبعه، وشنّف به سمعه، وضيّق بسعته ذرعه، من الخطاب بالعتاب، الذي خفض له الجناح، واستعذب به الجراح، وأسر قلبه في قيد أسى مستطار لا يراد منه السّراح، وقذف به في لهوات ليل لم يود أن يبسم فيه ثغر الصباح، وقد علم الله أنه بريء من كل ما يوجب المذامّ، ويطلق ألسنة الذّام، وأنه لمستيقظ في حقوق الخدمة، إلا أن حظّه من أهل الكهف بطول المنام.

ومنه قوله: وأما البرد وكلبه، والهواء وغلبه، فما كتبتها إلا واليد ترتعد، والخواطر لا تتعد، والغلام يذهب شبح الفحم بما يلهب، والشرار يبقى منطفئه في خدود الثياب خيلانا، ويمنعني كما يمنعها أن تطرد في قول القلم من الطّرس خيلانا.

ومنه قوله: وأنا الآن إذا دعوت الله سبحانه، بأن يمتعني بسمعي وبصري عنيته، وإذا قلت: واجعلهما الوارث منّي، فهو الذي اخترته لذلك وارتضيته؛ وبالجملة إنّي مستحسن قول جميل، وأنقله إلى أهل الجميل «١» : [الطويل]

وما أحدث النّأي المفرّق بيننا ... سلوّا، ولا طول اجتماع تقاليا

<<  <  ج: ص:  >  >>