ومنه قوله: وأشكو بعد قلبي جسمي، فقد ضعفت قوته، وقوي ضعفه، ونسجت عليه همومي ثوابا دون الثياب، وشعارا دون الشّعار، من الحرب الذي عادى بيني وبيني، وانتقم ببيني من جسمي، واستخدمها بحرث أرضه؛ فإن لم يكن لأرضه عجاج فلي عجيج، وإن لم يكن فيه بذار فلي من الحبّ ثمار، وإن لم يكن لي سنبلة فلي أنملة، وإن لم يكن في كل سنبلة مئة حبّة آكلها، ففي كلّ أنملة مئة حبة تأكلني؛ وقد كنت مسالما لأعضائي إلا سنّا أقرعها، فما يخلو زمن من مندماتي، أو إصبعا أعضّها فما أكثر ما على الظّالم الذي يعضّ يديه؛ فأنا أقرع أعضائي كلّها ثنيّات، وأعضّ على جوارحي كلّها أنامل وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ
«١» والحرب همّ للأجسام، والهمّ حرب للقلوب، والفكر للقلب حكّ، والحكّ للّحم فكر، وبالله ندفع ما لا نطيق «٢» ؛ يا واهب العمر خلّصه من الكدر «٣» .
ومنه قوله «٤» : وصل الكتاب الحضرة مبشرا بالحركة الميمونة السّلطانية إلى العدو خذله الله، ومسير المسلمين نصرهم الله، تحت أعلامه أعلاها الله، ومباشرة العدوّ واستبشار المسلمين بما أسعدهم الله من الجراءة عليه، ومن إضمار العود إليه، وهذه مقدمة لها ما بعدها، وهي وإن كانت نصرة من الله، فما نقنع بها وحدها، فالهمّة العالية