وتوفيقه الذي ما كلّ من طلبه وصل إليه؛ وسواد «١» العجاج في تلك المواقف بياض ما سوّدته الذّنوب من الصحائف يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً
«٢» .
فما أسعد تلك الوقفات، وما أعود بالطّمأنينة تلك الرّجفات، وقد علم الله سبحانه منّي ما علم من غيري من المسلمين من الدّعاء الصّالح لكم في الليل إذا يغشى، ومن الذّكر الجميل لكم في النهار إذا تجلّى، والله تعالى يزيد لكم إيمانكم، وينصركم وينصر سلطانكم، ويصلحكم ويصلح بكم زمانكم، ويشكر هجرتكم التي لم تؤثروا عليها أهليكم ولا أموالكم ولا أوطانكم، ويعيدكم إلينا سالمين سالبين، غانمين غالبين؛ إنّه على كلّ شيء قدير.
ومنه قوله: ولا حول ولا قوة إلا بالله، قول من قعد وراء الأحباب يودّع في كل يوم حبيبا، ويعيش في الدّنيا بعدهم غريبا، كأنه النجم طلع عليه الصّباح فغابوا، وبقي منتظرا للمغيب، وصبّحه ما قد علاه من المشيب.
ومنه قوله: هذا وما تمّ بحمد الله متجدد، إلا ما تقدم ذكري له من أمراض الكبر، وأعراض الغير، وتداعي هذه البنيّة لرحيل ساكنها، وانزعاج هذه النفس إلى ما يختاره لطف الله من مواطنها، فإنّ التّسعين قد جزت عينها، وقطعت عقبها؛ وأسأل الله الخيرة في القدوم عليه، واللّطف عند الوقوف بين يديه.