للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتعرف قدر فراقه، ولا تفسح في حبل لقاء خليل إلا لتجعله عدّة لخناقه.

ومنه قوله: فقلت لصاحبي نجواي: خذا في عرض محاسنه عليّ، لعلّي آخذ منها؛ فقالا: وما الفائدة إذا عجزت في الصلة عن أن تعيد عليه ألفاظه العائدة؟ فقلت:

ليعلم أن كل خير عندي من عنده، وأسأله الصفح عن تقصير بلاغتي عن بلوغ حدّه، وأسره بتقصيري عن مداه وإن كان هذا عهدي بودّه؛ فقالا: أرسل نفسك على سجيتها، وتعرض لنفحات صديقك، فما يبخل عليك بيلنجوجيّتها؛ فقلت: نعم على تفيهقكما في النّسبة إلى اليلنجوج «١» ، وعلى كون حروف هجائها أطول من عوج «٢» .

ومنه قوله «٣» : الخادم يخدم وينهي وصول كتاب كريم، تفجرت فيه ينابيع البلاغة، وتبرعت بالحكم أيدي البراعة، وجاد منه بسماء مزينة بزينة الكواكب، وهطل منها لأوليائه كلّ صوب، ولأعدائه كلّ شهاب واصب، وتجلّى فما الغيد الكواعب، وما العقود في التّرائب، وتفرق عنه جيش الهمّ، فانظر ما تفعل الكتب في الكتائب؛ وما ورد إلا والقلب إلى مورده شديد الظّما، وما كحّل به إلّا ناظره الذي عشي عن الهدى وقرب من العمى؛ وما نار إبراهيم بأعظم من نوره، ولا سروره صلى الله عليه حين نجا بأعظم في يوم وصوله من سروره؛ فحيّا الله هذه اليد الكريمة التي تنهلّ بالأنواء، وتحرك سوابغ النعماء، وتعطى أفضل

<<  <  ج: ص:  >  >>