للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطاء، يسرّها في القيامة، وتحوز به أفضل أنواع الكرامة؛ فأما شوقه لعبده، فالمولى أبقاه الله قد أوتي فصاحة لسان، وسحب ذيل العيّ على سحبان، ولو أنّ للخادم لسان موات، وقلبا «١» يقال له: هيهات؛ لقال ما عنده، وادّكر عهده ووده، وباح بأشواقه، وأذاع الرمز عند اعتناقه.

وأما تفضّله بكذا، فالخادم لا يقوم بشكره، ولا يبطله حقّ قدره، وقد أحال مكافأة المجلس على مليّ قادر، ومسرّة خاطره عليه يوم تبلى السرائر؛ والله تعالى يصله برزق سنيّ يملأ إناه، ويوضح له هداه، ولا يخلي المجلس من جميل عوائده، ويمنحه أفضل وأجزل فوائده، إن شاء الله تعالى.

ومنه قوله «٢» : وفي الحال أطافت المقاتلة من جميع أقطاره، ولبّوا تلبية الحجيج، وكلّ من جمرة سهمه كرامي جماره، وعبرت الآجال المسماة سهاما على قناطر القسيّ المحنية، وقدحت زنودها البيض شرار جمر المنية، فصارت الأبرجة مستلئمة بسلاحها، أو كأنها بكثرة ريش السهام طائرة بجناحها، أو كأنها صدور أظهرت حسك الضغائن، أو كأنها لازدحام السّهام بها كنائن؛ إلى أن سرى داء النّقوب إلى المقاتل، ودبّ سكرها بين المفاصل، ورتب الجدران قائمة، والبلاء سائر في أعقابها، متجلدة والنار تحت بنائها، غرّارة بألحاظها، والقبح حشو نقابها؛ فلمّا كان وقت الظّهر ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ

«٣» ، ووقعت القلعة، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

«٤» ، وتحصّنوا من نيران القضب بنيران الحطب، وقطعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>