للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أشتريه بمهجتي فقليلة ... فاسمح به فمتى عرفتك مانعا

ومنه قوله: وقف الخادم على ما شرف به طبعه، وشنف به سمعه، وضيق سعة ذرعه، من العتاب الذي خفض له الجناح، واستعذب به الجراح، وأسر فيه بقيد أسى مستطاب لا يراد منه السراح، وقذف به في لهوات ليل لم يودّ أن يبتسم فيه الصباح؛ وقد علم الله أنه بريء من كل ما يوجب المذامّ، ويطلق ألسنة الملام، ومليء من الخدمة بما لا يغضي فيه عن حق سبقه لأحد من الخدام، وأنه لجواد يبذل جهده وما عليه أن يحلب الأيام، وأنه لمستيقظ من حقوق الخدمة إلا أن حظه من أهل الكهف لطول المنام، وما كان تأخره عن المكاتبات التي يخدم بها مجلسها، ويقتدح بها من الإجابة قبسها، إلّا الرغبة أن يكون مقترنا بحصول أمر، فما أسعفته الأقدار بمراده، ولا نجح رائد اجتهاده؛ وكتب هذه الخدمة حين أحصر على ما استيسر من الهدي، قد ركب من قديم الإخلال حدّ النهي، متبرئا من التقصير الذي ما هو منه ولا إليه، ومعوّلا في العذر الذي ما كان مخلوقا قبل خلق يديه؛ ووصل الأمير أن معظم الأنس بمقدميها الكريم، وقدما إلى بلاد صارت كظلّ رامة لا يريم، ولا يؤدّي يومه الجديد ما كان يؤدّيه أمسه القديم، وكيف ما حل أهل هذا البيت، فهم في كل بيت صدوره، وفي كل مطلع نجومه وبدوره، لا تذال أنوارهم بإشارة الأصابع، ولا تتبدل أقدارهم في مصونات المجامع: [البسيط]

يحميه لألاؤه ولو ذعيّته ... عن أن يذال بمن أو ممّن الرّجل

كأن الأرض بهم سماء، فإنهم طوالعها، وكأن الدّنيا بهم رياض، فإن أوجههم زهرها، وأيديهم مشارعها؛ وما يدع العبد غاية من الخدمة لهما إلّا

<<  <  ج: ص:  >  >>