فطنه- لكان كالغريب، ولولا حياء المملوك من مصر لكان بشّرها وأهلها من قربه منهما بفرجهما القريب، ولكن لا بد من عصبية لمصر، فلا نفجؤها بمشيئة الله من ذكر يوم فراقه باليوم العصيب، وآثار المولى على قلعة بلدها بمكان التيجان من الرّءوس، وذكره بين أهلها من ناسك وخليع، يفتح المصاحف ويدير الكؤوس.
وكان ورود الركاب العالي الناصري نصره الله إليها في يوم كذا، أحسن الله تقضيه، والمرض قد أحسن الله في تقصيه، والشفاء قد أنعم الله به على سلطاننا وعلى من يليه، فيالها من نعمة لا عذر فيها للشكر إذا اعتذر، ويا لها موهبة منّة منّ الله بها، آمن الذي أمن بها وبهت الذي كفر، وياله صفو لا كدر فيه، وكلّ صافية لم تخل من كدر.
ومنه قوله: لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ
«١» فسبحانه جلّت قدرته جلّاها، وقد بلغت القلوب الحناجر، وفرّجها وقد بلغت الدّموع المحاجر، ومنّ بالسلطان على الخلق، وأقامه ليعتمّ به إن شاء الله دين الحقّ، فالمملوك يبشر مولانا- أدام الله له البشرى- بالعافية النّاصرية، وقد سار المبشّر عنّي بكتبه كما يقول المقلّل والمكثر، وقد سيّر المملوك كتابه الكريم لما فيه من زيادات، ولما تضمنه من متجددات، وعند مولانا له كتب كثيرة قد قضى منها الوطر، وقد نزه فيها النّظر، وقد وجب أن يردّ طيرها إلى وكرها، وعرائسها إلى خدرها؛ وأصدر المملوك هذه الخدمة ساعة سير السائر، كما أن المكاتبة بما قبلها قد كانت أم الكبائر؛ وغير ذلك فهو ينهي وصول كتاب مولانا، ومطالعة مولانا النّاصرية بخطّه، التي أنعم بتسييرها مفتوحة، وأفاد المملوك كلّ فائدة، بالوقوف عليها، وقد سيرّها فكان وصولها من حسن الاتّفاق، وكتابتها من سعادة