كاتبها تأتي عند العشيّ بالإشراق، لأنّ مولانا هنّأ بها عن العافية الأولى المكتوب بها، لينقطع الإرجاف، فصارت الآن هناء بعافية لا خلاف في أنها ما فيها خلاف.
ومنه قوله: أدام الله سلطان الديوان العزيز، ولا زالت كتائب أعلامه تكتب أقلامه مرفهة، وأحلام وفاقه مرشدة، وأحلام أهل خلافه مسفّهة، وسيوف عزائمه تستوعب كلّ حديث حسن، فلا تبقي إلّا أحاديث عن السّيوف مموهة، والقول بتوحيد فضل خلافته لازما، فلا يقبل شبه المعطّلة ولا تعطيل المشبهة؛ وأفعالها التي يبتغى بها وجه الله باسمه الشّريف في الملكوت الأعلى منوهة، ولا زال قوله بلغا، وأمره بالغا، وفضله سائغا، وفضل الله به سابغا، والحالي بعده للعاطل فاضحا، والحقّ للباطل دامغا، وإخلاص فطرة لا يدع للكفر شيئا غابطا، ولا للنّفاق شأنا نابغا.
الخادم يذكر أنه ورده، بل أورده من سدى الديوان، بل من أفق الإحسان، كتاب مرقوم، بل سحاب مركوم، أثبت في الأسماع، بل أنبت في الطباع، العقد النّقيّ، وأهدى إلى البصائر الصّادقة، بل أبدى للأبصار الرامقة، أي سابقة أنس، بل أي شارقة شمس، فأضاء الفضاء بنوره، وضرب بينه وبين الظلماء بسوره، فاستقلّت ملوك المعاني على سريره، ودخل الفهم حينه، ورفلت اللّيالي في حريره، ونقلته عينه في الحال إلى ضميره، فأنست معانيه بما هناك من عقائد اختصاص، وموارد إخلاص، مستقرّة في حيث لا تجري كلّ الأسرار، ولا تسري كلّ الأنوار، ولا تستودع إلا عقود التكليف، وخواطر التعريف، فألقت عصاها، ولقيت من أطاعها وما عصاها، وحلّت حيث حلّت، وجلّيت حيث جلّت، وانتدبت العزمات بمراجعتها، فهي المرآة إلّا أنّ الصّدأ مصدود على صفحتها،