فليرجع إلى قول الله تعالى: فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً
«١» .
والقوم فما أبقوا للصّلح موضعا، ولا تركوا في رجعة مطمعا، ولا تخلّفوا عن سوء بلغوه ناظرا ومسمعا؛ فالمسلم القريب استزلّوا يمينه، والمسلم البعيد استخفّوا سكينه، والكافر استنصروا سيفه، والحشيشيّ «٢» استصرخوا سكّينه، والأموال التي في بلاد تقليده أكلوها وأضاعوها، وأمانات الله ابتغوا بها ثمنا قليلا فباعوها، والذّخيرة التي كانت بقلعة حلب لو أنّ لها لسانا يتكلم تظلّم، ولو أن لذهبها الذي تصرم فؤاد تضرّم، وحملت إلى الكفار فضربت بها أسنّة يطاعن بها صدور المسلمين، أو بقيت في أيديهم فضيّعت لتنتهك بما فيها حرمة الدين، ومتى استشفّ النّظر العالي حال الخادم معهم لمح أنه من مبدأ وصوله إلى الشام الذي نوى به في الكفار إقامة الجهاد، وفي الإسماعيلية إماتة الإلحاد، وفي المسلمين إزالة الفساد، شغلوه ثلاث سنين عن هذه الفرائض، وجاءته قوارص لا تحتقر وقوارض، وقد استولوا على حلب بلا حجة، وأخذوا ما فيها من الأموال بلا شبهة، وخرجوا عن اليمن المعقودة بلا معذرة، واستفزّوا من وافقهم من أمراء المسلمين بلا جريمة؛ والخادم على أن أجاب رسلهم بأنّي قد رضيت الدّيوان العزيز حكما، واخترت من اختاره الله للمسلمين قيّما، فكان هذا الجواب [سببا] أن يفرّوا إلى الفرنج، فحالفوا كفرتهم عليه، وإلى الإسماعيلية فأنهضوا مجرمهم إليه، ونازلوا طرف بلاده، وهو متوسط بلاد الكفار، فهدموا قلعة من قلاعها كانت زينة سلم ومفزع حذار، وراسلهم واستنزلهم، وقال لهم قولا لينا، أنه