للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفاقة، ويلحظوا طليعة هذه العواقب، ولا يهملوها إلى أن تجيء في السّاقة، فهذا في مصالح الدولة الجزئية.

فأما المصالح الكلية؛ فإن عواقبها منهم عظيمة، وبوائقها بأيديهم وأيدي قديمهم قديمة، فشدّ ما أخذوه بالأمس برا بلئيم وبرءا بسقيم، وهرب من لا حيلة فيه، فاستبيحت منه حرمة وحريم، فكم عين أزعجوا عنها إنسانها، وكم يد بانوا منها بنانها، ومنهم أولاد ابن زين الدين علي كوجك «١» ، التابع للخادم الآن، فإنّهم كشفوا منهم وجوها مصونة، وهتكوا منهم عورات أمينة، وحكّموا فيهم نظرات ظنينة، وطافوا بهم البلاد نهارا، ولم يخافوا لله غضبا، ولم يرجوا له وقارا، كذلك وجدوا آباءهم على أمة فاقتدوا بآثارهم، وعلى إيقاد نار حقد يستجمعون بهم في نارهم.

فأما الجبايات التي يأخذونها من الرعايا ظلما، وتضمين الشريعة لمن لا يمضي الله له على لسانه ولا يده حكما، واستباحة ملك الأوقاف والأيتام، والتفرقة في الحكم بين الخاص والعام، فكلّ ذلك ممام لا يسع خليفة الله إقرارهم على حيفه، ولا يعذره الله سبحانه في ترك مجاهدتهم بكتابه إلى عبده الذي جاهدهم بسيفه، ولا خفاء أنهم غابوا عن الجهاد للكفار، وحالوا بين الفرض وبين أولي القوة عليه والاقتدار، فلا يقنعون بأنهم لا يجاهدون إلى أن يمنعوا من يجاهد عنهم، وبأنهم لا يساعدون المسلمين إلى أن يساعدوا عليهم عدوّهم الكافر، فقد تولّوا الشيطان تليدا وطريفا، ووطئوا الإسلام وأهله وطئا عنيفا، فإذا جاء وعد الآخرة جاء الله بهم في زمرة الشياطين لفيفا، فإن لم يرجع إلى الخادم

<<  <  ج: ص:  >  >>