للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأورد نجم الدين من الأحوال هناك، والضّرورات إلى الكثير والقليل، وحسن السيرة المشتملة على الجميل، وأنه بمصر أدام الله ظلّه على مشقات العفاف، ويسلك لنفسه القصد ويعطي منها الأشراف، وأن كرمه لا مادّة له ولا حاصل، ورواتب نفقاته لا أصل لها ولا واصل، وكلف خرجه لا محمول لها ولا حامل، وذكر ذلك في كلّ مشهد حضره، وفي كلّ موقف وقفه، وبين يدي كلّ كبير عرفه، ورقاه إلى العلم النّاصري فأثبته فيه ومكّنه وكشفه، وتبع هذا الفقيه نجم الدين رأي أبيه رحمه الله في خدمة هذا البيت الذي كان يتعبّد به، ولولا الغلوّ لقلت: وكان يعبده، ومضى شهيدا في جنة رحمته مستشهده، ووجب أن يلحظه المجلس بعين صاحب سابق، ومحب صادق، وذوي سريرة لا يخجل بها الواثق، وذي كفاية ينفذ في الأمور نفاذ السهم المارق؛ فما كلّ صاحب له وجاهة في كل مكان، وإن كانت له وجاهة فقد لا يكون له جنان، وإن كان له جنان فقد لا يكون له لسان، وإن كان له لسان فقد لا يكون له بيان؛ وهذا يجمع هذه الشرائط، ويحضر في عقود المجالس فيكون فيها مكان الوسائط، ويفي لسانه وقلبه بإدراك الفوائد واستدراك الفوارط؛ فهو أحقّ عبد تضمّ اليد على رقّه، وأولى وليّ يجازى بتصديقه وسبقه، على أن الآمال العظيمة، والمطالبة الكريمة تبلغ به الهمّة الفخرية بأيسر العزمات وأدنى الحرمات؛ ولم يذكر في هذه الإجابة ما ذكر من أمره، إلّا أن كثيرا من الرسل الواردين والأصحاب الوافدين، يسعى في قصد مرسله ومقصده، وهذا سعى لمرسله بمفرده، وما جعل حظّ نفسه وغاية قصده إلّا الخدمة وبلوغ غرضها، وشكر النّعمة والقيام بمفترضها؛ وإذا وردت الكتب الفخرية جددت بورودها فخرا، وفرضت على لساني مع شكره الذاتي شكرا، وعلى القلب مولاة إلى مولاة أخرى «١» ؛ وردت على المملوك مكاتبة كريمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>