للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعها حيث ترفع العمائم، ومدّ إليها كما يمدّ إلى الغمائم، وفضها بعد أن قضى باللّثم فرضها، واستمطرت نفسه سماءها فأرضت أرضها، وكاد المملوك يتأملها، لولا أن دمع الناظر إلى العين سبقه، على أنه دمع قد تكون بتلوّن الأيام في فراقه، فلو فاض لعصفر الكتاب وخلّقه، فلا أعدمه الله المولى حاضر وغائبا، ومشافها ومكاتبا، وأحله في جانب السعادة، ويعزّ على المملوك أن يحلّ من مولانا جانبا.

ومنه قوله «١» : ودر كتابه، ووقفت على ما أودعه من فضل خط وفصل خطاب، وعقائل عقول ما كنّا لها من الأكفاء، وإن كانت من الخطّاب، وآثار أقلام تناضل عن الملة نضال النّصال، وكأنها فضل سبق لما يحوزه له من حق السبق وخصل الخصال، فأعيذ الإسلام من عدمه، ولا عدم بسط قلمه وثبوت قدمه، فإنه الآن عين الآثار وأثر الأعيان، وخاطر الحفظ إلا أن الخطوب تصحب فيه خواطر النسيان، ولئن انتصر الدهر سطوا، واختصر خطوا، فإنه سيف يمان، إن قدم عهدا فقد حسن فرندا وخشن حدّا، وأجرى نهرا وأورى شررا، واخضر خميلة، وقطع للأيام جميلة، وضارب [الأيام فأجفلت عن مضاربه ضرائبها، وشردت عن عزمه غرائبها،] ، ولبسها حتى انهجت بوالي، ثم اختار منها أياما وأبى أن يلبسها ليالي.

ومنه قوله «٢» : وصل كتاب الحضرة، فجعل مستقره مستقر النعمة في الصّدور، وأخرجتني ظلمات خطه إلى نور السرور، ووقفت وكأني واقف على طلل من الأحبة قد بكى عليه السحاب بطله، وابتسم له الروض عن أخبار أهله، فلم أزل

<<  <  ج: ص:  >  >>