للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسمه، وخدم الأبواب الإماميّة، فقدّم على الأولياء، وتمسّك بالأسباب العلمية ومواريث الأنبياء، وكتب للدّولة النّورية فازدادت به نورا على نور، وازدانت منه بفرائد بحور على نحور، واتصل بالمقام الصّلاحي، فأصلح الفاسد، وأربح الكاسد، وكان بالخدمة النّاصرية كاتب الإنشاء بها حقيقة، وساحب ذيل كلّ حديقة؛ وأمّا الفاضل فكان قد رفّع عنها وكبّرها ثم كان أكبر منها، وكان العماد بحرا يتلاطم موجا، وأفقا يتلألأ أوجا، وكان ملازما للسّلطان سفرا وحضرا، ووردا وصدرا، ومحصّلا بصحبته آلافا وبدرا.

وكان فقيها جدليّا، عالما فاضلا، أديبا، أريبا، كاتبا، شاعرا، ناظما، ناثرا، ذا تصرّف في البيان، وتفنّن في الكلام، لو ازدحم عليه ألف بريد لجهزة، أو نظم كلّ فريد لما أعجزه؛ وله الجيّد النّادر، والغضّ النّاضر، والبعيد المرام عمل الوقت الحاضر، وله التأليفات الكثيرة، والمصنّفات المفيدة، والرسائل البديعة، والقصائد الصنيعة، إلا أنه كان متطبّعا متصنّعا، يظهر عليه أثر الكلفة وثقل التصنّع، مغرى بالتجنيس مع ما فيه من الكلّ على المسامع، لقرب مخارج الحروف، مما تنفر منه الطباع.

وسئل الفاضل عنه، فقال: سيّدنا العماد، مثل الزناد، ظاهره بارد، وباطنه واقد.

وكان محلّ الثقة من الفاضل، آمنا من توثبه عليه، وتغلبه على ما جعله السّلطان إليه، وبهذا كان يطمئنّ إذا غاب مع ما ينويه من قلب السّلطان.

وكان «١» العماد شديد الحرص على تحصيل الدّنيا، وكان الفاضل يلومه ويعتبه، ويعذله ويؤنبه؛ فبعث مرة يشكو إليه ضرورة، فكتب إليه الفاضل:

<<  <  ج: ص:  >  >>