للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا سيد أخيه، لا تسمع الدّهر هذه الشكوى، فيستعذبها فتستمر على العدوى؛ ولو اشتغلنا بالله لكان يغنينا، ولو قعدنا عن الرزق لأتانا لا يعنينا؛ وفي الحديث «١» : «اتّقوا الله وأجملوا في الطّلب» ولا ندري كيف يكون المنقلب؛ فبالله إلّا ما سمعت وأخذت هذا الأدب.

وله في هذا حكايات، منها «٢» : أن رجلا من أهل حمص جاءه بطبق كيزان، وتفصيلة كتّان، قيمة ذلك كله نحو خمسين درهما، وسأل حاجة، فأخذ قصته وقرأها على السّلطان، وكان قد بلغه الخبر، فلم يجبه، فأعاد العماد عرض القصة وقراءتها مرات في مجالس عدة، والسّلطان لا يأمر فيها ولا ينهي؛ ففطن العماد وعلم أن الخبر قد اتصل بالسّلطان، فأعاد عرض القصة، فلما لم يجبه عنها، قال: يا مولانا، الطّبق الذي أحضره صاحب هذه القصة باق إلى الآن، لم أتصرف فيه، فإن كان ما ينقضي شغله أعدت إليه طبقه؛ فضحك السّلطان، وعجب من دناءة نفسه، وأمر بقضاء شغل الرجل.

وحكي «٣» أنه كان شديد التّهافت على أخذ الختوم الذّهب الذي يجئ على كتب الفرنج، فوصل منهم كتاب بغير حضوره، ففتحه السلطان بيده وأخذ بعض الحاشية الختم، فلما جاء العماد قيل له: اكتب جواب هذا الكتاب، فقال: يكتب جوابه من أخذ الختم؛ فعزّ قوله على السّلطان، وقال له: ثم اخرج الوقت، ما هو محتاج إليك؛ فأتى العماد الفاضل، وعرّفه بما كان، فقال له: رح إلى الخانقاه، واقعد بها مع الفقراء، والبس زيّهم؛ فإذا طلبك السّلطان قل: أنا قد دخلت في أمر لا أخرج منه؛ ثم لا تخرج حتّى يأتيك السّلطان بنفسه مرضيا؛ ثم لم يلبث

<<  <  ج: ص:  >  >>