للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستطالة سيله برد بردى في نقع الغليل؟ وما لذاك الكثير طلاوة هذا القليل، وسيل هذا السلسبيل؛ وإذا فاخرنا بالجامع وقبّة النسر «١» ، ظهر عند ذلك قصر القصر، على أن باب الفراديس «٢» بالحقيقة باب النّصر، وما رأس الطابية كباب الجابية «٣» ، ولو كان لناسها باناس «٤» لم يحتاجوا إلى قياس المقياس؛ ونحن لا نجفو الوطن كما جفاه، ولا نأبى فضله كما أباه، وحبّ الوطن من الإيمان، ومع هذا فلا ننكر أن مصر إقليم عظيم الشّأن، وأن مغلّها كثير، وماؤها غزير، وأنّ عدّها نمير، وأن ساكنها ملك أو أمير، وأن الذهب فيها لا يوزن بالمثاقيل ولكن بالقناطير؛ ولكن نقول كما قال المجلس السّامي الفاضلي، أسماه الله: إن دمشق تصلح أن تكون بستانا لمصر، ولا شكّ أن أحسن ما في البلاد البستان؛ وهل دمشق إلّا مثل الجنان؟ وزين الدين «٥» وفقه الله تعرض للشّام فلم يرض أن يكون المساوي حتّى شرع وعدّ المساوي! ولعلّه يرجع إلى الحقّ، ويعيد سعد إسعاد وفاقه إلى الأحق.

ومنه: ولو واصل خدمه بمقتضى مخالصته، لما وفى في جميع عمره، ببعض ما يجب عليه من حقّ المجلس وشكره، لكنّه يهاب الفضل العزيز فيتجنّب، ويستصغر قدره عند قدرة المعظم فيتأدب، ومن يقدم على مقابلة الشمس بسراجه؟ والعذب بأجاجه؟ والدّرّ بزجاجه؟ وأيّ قدر للقطرة عند البحر الخضم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>