للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيّ فخر للسّهى عند إنارة البدر التّم؟ وكلّما شرع في خدمة، فنصب يده المهابة وبسطتها الصّبابة، وجلى له جلاله وجه الهيبة، فرجع ممّا رجاه من سماحة خاطره بالظّنّة والخيبة، وقال لقريحته: دعي الاقتراح، ولا تستدعي الافتضاح، وليس إلّا الاعتراف بالقصور، لا الافتراق للمحظور.

ومنه قوله: على أنّه لم يبلغ مع استفراغ جهد البلاغة في الدّعاء والثّناء أمد المقصرين، وإن بذّ القرين وزاحم الأسود وولج العرين، فالعجز عن الإدراك إدراك، والمعجب في التّوحيد بادّعاء الحول والقوة إشراك.

ومما كتبه في فتح القدس «١» : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً

«٢» .

الحمد لله الذي أنجز لعباده الصالحين وعد الاستخلاف، وقهر بأهل التوحيد أهل الشرك والخلاف، وله الحمد الذي حقق بفتحه ما كان في النفس، وبدّل وحشة الكفر فيه من الإسلام بالأنس، وجعل عزّ يومه ما حيا ذلّ أمس، وأسكنه العالم والفقيه بعد البطرك والقسّ، وعبّاد الصّليب والشّمس، وأخرج أهل الجمعة منه أهل الأحد، وقمع من كان يقول بالتثليث أهل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

«٣» وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>