رأيت أجمة ولا ليث يحمي تلك الأجمة، بل رأيت بيض عقاب تحضنه رخمة، وليس المشار إليه إلّا نائما في صورة يقظان، وهو كزيد وعمرو إذ تجري عليهم الأفعال وهما لا يشعران.
ومنه قوله:
وفلان قد جعل الرّأي دبر أذنه، ووضع جفير «١» السّيف تلقاء جفنه، ولم يعرّج على لهو فيقول «٢» : اليوم خمر وغدا أمر، ولا يصغي إلى مسير فيأخذ بقول زيد ولا عمرو، فهو مطلّ على مغيبات الأمور، غير غافل بتمام الأعقاب إذا تمت له الصّدور.
ومنه قوله: الغناء يخفّ بكثير من الأوزان، والنّظر في هذا إلى الأثر لا إلى العيان، ولا عجب أن يوزن الواحد بجميع الورى، ولهذا قيل: كلّ الصيد في جوف الفرا «٣» .
ومنه قوله: كم في الأرض من شمس تخجل لها شمس السّماء، وتتضاءل إليها تضاؤل الإماء، وتعلم أن ليس لها من محاسنها إلّا المشاركة في الأسماء؛ فلربما طلعت في الليل فقال النّاس: هل يستوي بياض النّهار وسواد الظّلمات، ولا عجب للعيون إذا رأتها أن تظنّ ذلك في أحلام النوم، أو يخيل لها أن