ولقد رأيته فرأيت العالم في واحد، وعلمت أنّ الدهر للنّاس ناقد، وما أقول إلّا أنّ الله ردّ به الأفاضل إلى معاد، ثم وضعه موضعه «٢» ، فذلك من جملة الأعداد في الاعتداد، لكن [إن] كان ذنبي خطأ، فقد جاءت معذرتي عمدا، ولا عقوبة مع الاعتذار، ولو كان الذّنب شيئا إدّا، والمقدرة لا تسيغ للكريم أن يمضي غيظا أو يطيع حقدا.
ومنه قوله:
الأحوال شبيهة بالأبدان في عوارض سقمها، وكلّ داء من أدوائها له علاج إلّا ما كان من سأمها وهرمها، وقد قيل: إنّ الطّب هو معالجة الأضداد بالأضداد، ولهذا لا يطبّ مرض الآمال إلّا بجود الأجواد، وفي شهود الجناية من الأشراف ظلم للسّادات لا تعدّه النّفوس من ظلمها، ولربّما كلم السّوار يدا فذهب فخر زينتها بألم كلمها، ولهذا هانت جناية بني عبد المدان، وضرب بها المثل في شرف المكان، والنّاس في المنازل أطوار، فمنهم أنجاد ومنهم أغوار.
ومنه قوله:
بازيّ «٣» أشهب، تفخر السوابق بأنها له سميّة، وترتمي الطير في جو السّماء وهي له رميّة، كأنّما يجلو القذى عن عقيقتين، ويظلّ من توحشه