الفصد للحجامة، بل اليد لمن وضع السّيف فيه موضع العصا، ومن عمى الضلالة ما لا يبصر إلّا بسفك الدّم، ومنه ما يبصر بتسبيح الحصا.
ومنه قوله:
وكم لطيف الخال من يد يبذلها، وصاحبة يمنعها، ولطالما سمح برؤية عين لا يراها، ونجوى حديث لا يسمعها، فياله من باطل أشبه في مراره حقا، وأوهم القلب أنه داواه وما داوى، والغليل أنه شفاه وما أشفى.
ومنه قوله:
قليل الاحتفال بالخطوب المختلفة، وإذا انتقلت أحوال الزّمان، كانت حاله غير منتقلة؛ فعلمه يطلّ على أفكاره، ويرى الأمر الخفيّ من خلف أستاره، ولا تبلغ الأنجاد والأغوار مدى أنجاده وأغواره، فهو اليقظ الذي هجع النجم وهو لا يهجع، والماضي الذي يجزع السيف ولا يجزع، والمعافى المضروب له المثل بأنّه لا يخدع.
ومنه قوله:
ريعان العمر تشترك فيه نهضة الأجسام والهمم، ولهذا كان شباب العلى في الشّباب، وهرمها في الهرم، وما تشابها في اللفظ إلّا لتشابههما في المعنى، وكلاهما ذو رونق في حسنه، إذا اجتمعا زادا حسنا؛ وما أقول إلّا أن بين سواد الشّعر والسّؤدد غراسا، كما أن بينهما في التسمية جناسا.
ومنه قوله:
من كل بطل يزحم غوارب الأهوال بغاربه، ويلقى وجوهها الكريهة بجانبه، ولطالما كافحها في الحرب، حتى نفضت وقائعها غبارا على ذوائبه، فهو يقدم فيها إقدام من ليس له أجل، ولا يرى للخدّ الأسيل حسنا، لا يخدّ من الأسل.