بقول القائل: إن الأسد يغلبه «١» الأسود، وإن الحرب ليست بمضاء العزائم، وإنما هي بمضاء الحدود؛ وهذا القول مسلاة كاذبة لهم مكذوبة، ولولا العزم لم تر حصون مفتتحة، ولا جموع محزوبة، وبالجد يدرك الجد، ولولا القدح لم ينفث الزند، ولمّا جيء بأسرى القوم مننّا عليهم بإطلاق السراح، وقاتلت عنهم شيمة الصفح إذ لم تقاتل عنهم شيمة الصفاح، وحمية الآباء لا تقتل من لم يحوه مكر الطراد، ولا حمية صهوات الجياد؛ وأي فرق بين الأسير في عدم الدفاع، وبين أشباهه من ذوات القناع؟
ومنه قوله:
وما زال يزعج ديار الكفر بغزواته، حتى لم تهن حاملة بإتمامها، ولا متعت عينها بلذة منامها؛ فاسم القرور من نسائهم منسوخ بغارة المقربات الجياد، ولذيذ النوم بأرضهم مسلوب بإيقاظ جفون البيض الحداد.
ومنه قوله في بليغ:
إذا ارتجل أتته المعاني غير مكرهة ولا محرجة، وأبرزها كوامل الصور غير مخدجة، وإن تروى تهافتت على توقد خاطره تهافت الفراش، وجاءته سوانح وبوارح حتى تقول «٢» : تكاثرت الظباء على خراش.
ومنه قوله في تكذيب أهل النجوم:
ولقد أوهم أهل التنجيم بالتسيير والتقويم، والحكم على أفعال العليم