للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدنا إلى ابن الأثير:

ومنه قوله في ذكر الخدمة:

لو ساغ لوليّ من أولياء الديوان العزيز أن يمت بولائه، أو يدل بما أبلاه في الخدمة من حسن بلائه، لكان لسان الخادم في هذا المقام أكرم صدقا، أو مكانه منه أشرف حقا، لكن ليس لقائم بخدمتها أن يمن بقيامه، كمن ليس لمسلم أن يمن بإسلامه؛ والخادم وإن أمسك عن ذكر خدمه، فقد نطقت بها شهرة سماتها، وأصبحت مواقفها في المواقف أبكارا، ونطق البكر في صماتها، ولم تزل معروضة بالديوان العزيز، وكل وقت إبان وقتها، وهي كالآيات التي لا تأتي منها إلا كانت أكبر من أختها.

ومنه قوله:

ولطالما أورى الاغتراب عزا، وأثار من السعادة كنزا، حتى إن الله جعله سنة في أنبيائه ورسله، ونهج لهم سبيل العز بسلوك سبله، كسنة الغربة اليثربية، في الهجرة النبوية، وما أوجسه من القوة بعد الفرار، والكثرة بعد ثاني اثنين إذ هما في الغار؛ والتقليل سبب للسكون، والشهادة داعية لهدوء العيون، ولو لزم السيف غمده لم يبن أثر مضاربه، ولا خدمه لسان في نظم شاعره ولا نثر خاطبه، وبالاغتراب عذب ماء البحر لما فارق السحاب.

ومنه قوله:

له القلم الذي يصرع الخطب الجليل بضعفه، ويسبق الحرف الأمون «١»

بحرفه، وإذا نكس رأسه رأيت أبهة الخيلاء في عطفه، فهو يجل بأسا ويدق

<<  <  ج: ص:  >  >>