للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جسما، ويمج من لسانه شهدا وسمّا، فإذا ارتقى أنامله قيل: خطيب رقا منبرا، وإذا اهتز في يده كأنّه جانّ ولى الخطب مدبرا.

ومنه قوله:

لو ذهب الحزن بالدمع وانهماله، لكان الصبر بصاحبه أحرى، ولو لم ينل به أجرا، فكيف وصلوات الله ورحمته من ثوابه، وما اعتاض المرء صبرا عن المصاب، إلا كان فيه عوض عن مصابه.

ومنه قوله:

المكر ضراب من تحت الثياب، وسيفه لا يقطع إلا وهو في القراب، وصاحبه يلقى بوجه الأحباب، وهو كالجبل الذي تحسبه جامدا وهو يمر مرّ السحاب، يفرق الجموع وقد كادت تكون عليه لبدا، ويجعل قوتها أضعف ناصرا وكثرتها أقل عددا، ويستغني بلين كيده عن شدة أيده، وكثيرا ما يطعن أقرانه قبل الطعان، ويفاجئهم بالذعر وهم من الأمن في صوان.

ومنه قوله في التضرع إلى قريب مضايق:

أنا أسأله بالرحم التي أمر الله باتقائه واتقائها، وتكفل بالإسقاء يوم القيامة لمن تكفل بإسقائها، واشتق لها لكرامتها عليه اسما من اسمه، وقسم لواصلها ببسط العمر والرزق اللذين هما من أفضل قسمه، فلا تتركني أتأوه بقلب المتألم، وأجهر بلسان المتظلم، وأن أصله بسهام الدعاء القاصدة، وأحاكمه إلى صراعة البغي التي ليست عن الباغي براقدة، وأتمثل بقوله تعالى: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ

«١» ويعز عليّ أن ألقاه بهذا القول

<<  <  ج: ص:  >  >>