* كتب الإنشاء للدولة الخوارزمية، وكبت الأعداء بالصولة العجمية، وكان ذا فصاحة بلّغته شغاف الأرب، وسوّغته نطاف الأدب كالضرب، وفرغته لاقتطاف بدائع العرب؛ وصنف سيرة سنيّة «١» تسمع وقائع سيوفها المشرفية في الرقاب، وتبصر صنائع معروفها وقد مضت عليها الأحقاب، وفاء بعهده لتلك الدولة التي والاها وخدمها، وأولاها ما شرّف بغرره خدمها، فلم يدع مما يبهج حرفا ولا يدع للسان الطيب اللهج عرفا، بعبارة صاغها بلطافة، أعجب من الفريد، وأعجل في القلوب تأثيرا من لواحظ الغيد.
* ومن نثره قوله من كتاب كتبه إلى الديوان العزيز مع رأس طغرل «٢» ، وصل بغداد في الرابع والعشرين من ربيع الأول، سنة تسعين وخمسمئة، افتتحه بقوله تعالى هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
«٣» قال فيه:
وردت المراسم الشريفة بردع ذلك المارق الخائن، والمنافق الحائن، الذي استمرأ مرعى بغيه، واستعذب آجن غيّه، وأدلج في ليل ضلالته، وخبط في عشواء جهالته، شاربا من آسن الطغيان نهلا وعلّا، غير مراقب في الله ذمة ولا إلّا، مستسهلا للخطر الجسيم، مغترا بحلم الحليم غير مبال بانسلاخه من الدين، وخروجه عن زمرة المسلمين؛ نبذ أمر الله وراء ظهره، ولم يخش أليم عذابه، ولا راقب وبيل عقابه، فراسله الخادم داعيا له إلى الطريق اللاحب، ومشيرا عليه