ولقد وافيتها في زمن المشمش الذي له المثل السائر والذكر الدائر، فرأيت منظر أبهاء، ومخبر اشتهاء، ذا لون ذهبي وشكل كوكبي، وعرف مندلي، وطعم عسلي، فهو يتمزق للطافة جلده، ويزهي بلذة طعمه، وعظم قدّه.
ومنه قوله:
وصل الورد على يد مشبهه عرفا، ومخجله وصفا؛ وما أقول إلا أني جرت في التشبيه، فعدت على خاطري بالتنبيه، وقلت: أين الورد الذي تناله الأيدي بتناولها، وتبذله بتداولها، من ورد لا يجنى إلا بالعيون، ولا ينال إلا بالظنون؟.
ومنه قوله:
كأنما خلقت أغصانها منابر لخطباء الغرام، وصوّرت أوراقها محاجر لدموع الغمام، وخرطت أزهارها مجامر للمندل الرطب، وقدر أقحوانها فما لمؤشر الثغر العذب، والطير «١» ما بين متطلع من وكنه، وقائم على غصنه، من كل مفوّف الطيلسان، ذا طوق يزهى به على طوق العقبان، يترنم خلال أوراق الغصون، فيلتقي شأن المتيم بين الشؤون:[الطويل]
يصلن بنوحي نوحهن وإنما ... بكيت بشجوي لا بشجو الحمائم
ومنه قوله في البنفسج والورد:
أنا حبيب النفوس، وتاج الرءوس، والعطر الموضوع في الجيوب، واللون الذي يشبه عذار المحبوب، ولئن ذممت بأن لباسي لباس السواد، فإن هذا من شيم أهل