الوداد؛ فأقبل الورد في عسكره وجنوده، خافقة ألسنة عذباته وبنوده، محمر الوجنات من الغضب، منكرا على البنفسج ما جناه من سوء الأدب، فجال في ميدان المفاخرة وصال، وهتف بالبنفسج وقال:[الكامل]
أعلي يفتخر البنفسج جاهلا ... وإلي يعزى كل فضل ينهر
وأنا المحبب في القلوب زمانه ... وبمقدمي أهل المسرة تفخر
كيف أطعت هوى نفسك الأمارة، حتى افتخرت بحضرة الأمارة؟ ألست صاحب الاسم المعجم، والرداء الذي ليس يعلم؟ بينا ترى ناضرا، ويرى الطرف عنك نافرا، تهلك من الفخر، إلا أن تشبه بالعذار إذا بقل، والكبريت إذا اشتعل، ولم تحظ من هذين الوصفين إلا بالصيت المذموم، لأن هذا إحراق النار، وهذا تسويد الخد الملثوم، على أن بعض البلغاء قد أنكر تشبيهك بالعذار، ونزع عنك ضعة هذا الثوب المعار، فقال:[الكامل]
ومهفهف لما بدا في خده ... شبه البنفسج وانطفا توريده
غم البنفسج حين شوه خلقه ... وغدا على مبيضه تسويده
لكن أنا مرتقب الأيام، ومنتظر الأعوام، وأيامي أيام الأفراح، ومراوح الأرواح، لا يشرق الربيع إلا بورودي، ولا تشبه خدود الغيد إلا بخدودي.
ومنه قوله:
وبينما الغمامة تطلق لسانها، وتذكر إحسانها، إذ عارضتها الشمس، فخرجت من أثوابها، وقالت هذه منة على الأرض، أنا أولى بها، وأنا معجزة الجبار، وعروس الفلك الدوار، ومربية الأزهار والثمار، ومصلحة ما أفسده تابع الأمطار؛ على أن للمطر يدا لا تنسى، وطبّا به جراح الرق يوسى؛ فإنه مخرج الأرض من موتها إلى نشورها، وموقد فيها مصابيح نورها، تزف إلى عرائس