للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل منجح «١» ، ومن أين لأحد تلك البديهة المتسرعة، والروية التي هي عن كل ما ينتحى وينتحل متورعة، والمعاني التي قطف نوارها أبكارا، والغرائب التي بحرها لا يهدي الدر إلا كبارا، والخاطر الذي «٢» يستجدي الفضلاء من سماحته، واللسان الذي يخرس البلغاء عند فصاحته، والقلم الذي هو مفتاح الأقاليم، والطريق الذي كلّ فيه ضل ولو أنه عبد الحميد أو عبد الرحيم «٣» ، والكتابة التي تشرق بأنوار المعاني، فكأنها الليلة المقمرة، واليد التي إن لم تكن الأقلام فيها مورقة فإنها مثمرة؛ ومولانا أوتي ملك البيان، واجتمع له طاعة القلم واللسان، وخطبت الأقلام بحمده على منابر الأنامل، وأخذت له البيعة بالتقدم على كل فاضل ولو كان الفاضل «٤» ، وأصبح محله الأسنى، وأسماؤه فيها الحسنى، وجاء من المحاسن بكل ما تزهى به الدول، وأصبحت طريقته في هذا الفن كأنها ملة الإسلام في الملل، وعرف الإشارة إلى حلب وما صنعت بها الأيام، وما أشجى من ربعها الذي لم تبق فيه بشاشة تستام، ووقوف مولانا على أطلالها، وملاحظته الآثار التي أعرضت السعادة عنها بعد إقبالها، وتفجعه في دمنها، وتوجعه لتلك المحاسن التي أخذتها الأيام من مأمنها، وإنه وجدها وقد حلت عراصها، وزمت للنوى قلاصها، وغربانها في رسومها ناعبة، وأيدي البلاء والبلى بها لاعبة «٥» : [الطويل]

فلم يدر رسم الدار كيف يجيبنا ... ولا نحن من فرط الأسى كيف نسأل

<<  <  ج: ص:  >  >>