واخترق السبع الطباق، وعلى آله وصحبه الذين سبقونا بالإيمان، وعلى التابعين لهم بإحسان:
فإنه لما كانت النفوس مولعة بحب العاجل، متطلعة إلى الاطلاع على المستقبل من الأمور والآجل، لم تزل أنفس الخلفاء والملوك وأنفس الأكابر من الأمراء والعظماء به كلفة صبّة، وإلى استعلام أحوال ممالكها وعساكرها ورعاياها منصبة، وعلم مثل ذلك من خلق الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، فبردهم في الآفاق ضاربة، وطلائعهم تارة بالمشارق طالعة وآونة في المغارب غاربة، كرة في أبحار السراب تعوم، وأخرى بالآفاق كأنها نجوم:[الطويل]
تروح فتغدو في الصباح طريدة ... وتغدو فتبدو في الظلام خيالا
تستطلع لهم خبرا، وتطوي وتنشر بساط الأرض وردا وصدرا، وتعوض أسماعهم بما تنقله إليهم أثرا، عما فات أعينهم مشاهدة ونظرا:[الكامل]
فلهم وإن غدت البلاد بعيدة ... طرف بأطراف البلاد موكل
«١» من كل فتى قد هجر الكرى، وأشبه البدر فلا يمل من طول السرى:[البسيط]
وخلّف الريح حسرى وهي جاهدة ... ومرّ يختطف الأبصار والنظرا
قد أعدّ للسفر في ليله ونهاره من الخيل كل أشقر صباح، وأشهب مساء، وأصفر أصيل، وأدهم ليل:[مخلع البسيط]
وألجم الصبح بالثريا ... وأسرج البرق بالهلال
وسابق الضلال فهي تزور عنه ذات اليمين وذات الشمال، فلا تزال من ورائه