الجسد، وقد علم تعلق الروح بالجسد، واتفق لها الانتقال إلينا، ولنا بها إلى ربه الانتقال، وأصبحت من يميننا في اليمين، وكانت وهي من الشمال في الشمال، ولم نر لها إلا من غذي بلبانها، وعني بشأنها، وعد فارس حلبتها يوم رهانها، فطالما طمحت إليه بنظرها، واحتمت به من غير الأيام وغررها، فكفاها الأمور الجسام، وحمى حماها وكيف لا تحمى وهي ذات جوشن بالحسام، ولم يزل طامح نظره حولها يدندن، ولهجة أمله بها تلجلج، وعنها لا لا ترن «١» ، رأينا إنالته هذا المطلوب، وقضينا له منها حاجة كانت في نفس يعقوب، وحكمناه من ذلك فيما طلب، ومثله من حلب الدهر أشطره، ونال الزبدة من حلب.
وكان الجناب الحسامي هو الجناب المخصب لرائده، العالي عن مسامتة مستاميه ويده، فخرج أمرنا العالي أن يفوض إليه نيابة السلطنة المعظمة بالمملكة الحلبية، وقلدناه أمورها، ومن أحق من الحسام بالتقليد؟ وجردناه للانتصار به، ويظهر أثر الحسام عند التجريد، وليتفقد الجيوش ولا يفسح لهم في الركون إلى الأعذار والميل، وليتل عليهم وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ
«٢» ولا يستخدم إلا كل شهم شهد الوقيعة، إذا قفل الجيش كان ساقة، وإذا توجه كان طليعة، والبريد والحمام، هما رسل المهام وأعلام الإعلام، وأرسلهما في كل مهم معا، وليجمع بين تجهزهما وإن لم يجتمعا، وليرتب أمورهما على أجمل الأوضاع، ليتوافيا على انفراد واجتماع، فكثيرا ما سبق البريد السائر، وجاء قبل الطير الطائر، فبلغ المرام، وعاق الحمام الحمام.