الأحلام، بلى فإن المنى أحلام المستيقظ، وهو به طول المدى حالم والناس نيام، ولا ينكر الإخلال بالمكاتبة على نائم، والقلم مرفوع عن النائم، غير أن المملوك الظاهري أماته الشوق فانتبه، بعد ما زاره بعينه، وهو لا يتأول ولا سيما في أمر ما اشتبه، وما كانت زيارته له إلا منافسة له بظنه أن المملوك علقت به سنة الكرى، ومناقشة لطلبه زور الخيال حقيقة لما سرى، لينفي الوسن عن نظره، ثم ينصرف على أثره، ولما سجدت له الأجفان ظن بها سنة فزارها منبها، وما كان إلا ساهيا بمزاره عن خدمته، فلا ينكر على جفنه السجود لما سها، ولكم غلة للشوق أطفأ حرها بمزاره، وأغلق به أشراك الأجفان خيفة من نفاره، وعقله بحبائل جفنيه خشية أن تنزع يد اليقظة حبيبه من جنبيه، وضمها على خياله ضم المحب للعناق يمينه على شماله، ولكن ما فاز بالعناق إلا يد ويدان، وعناق المملوك للطيف من فرط الوجد بأربعة أيد من الأجفان، وإن لم تؤخذ هذه الدعوى منه بالتسليم وقيل: ما زاره بل استزاره فكر له في كل واد يهيم، فبلى وحقه لقد صدق مرارا؛ إن الكريم إذا لم يستزر زارا «١» ؛ وتالله لقد وافاه ووسده على حشاه ويمناه، متشبثا بأذيال دجاه، وفجأه فوجده على أبرح الوجد الذي عهده، إلا أن ضيف الطيف ما اهتدى إلا بنار أشواقه، وما سرى بل سار في ضياء من بارق دمعه، وما يوري قدحا من سنابك براقه، وتسور أسوار الجفون، وخاض السيول من العيون، كيف لا وهو يتحقق أن لقاءه المراد، وإذا هو نام زاره طيف كرى في الرقاد.
* فأجابه ابن عبد الظاهر «٢» : [السريع]
في النوم واليقظة لي راتب ... عليك في الحالين قررته