النوم سلطان وخليفة، وأنى بذلك مع خليفة الحبيب، ويد الخلافة لا تطاولها يد؟ والعيون في الصبا زورتها حقيقة، ويمكن ألا توصف إلا بأنها ضعيفة، فنقول: كم مثلي إنسان تطاول لاستزارة الطيف حتى طرق؟ وكم خيال أتى على أعين الناس فجاء محمولا على الحدق؟ وكم محب درأ عن النوم بشبهة تغميض الأجفان عن غير غمض حد القطع على السرق؟ ثم يأخذ في طريقة غير هذه الطريقة، ويرى الاكتفاء بالمجاز عن الحقيقة، وإذا أقامت العين الحجة في تصويب استزارة الخيال يقول: ما هذه من الحجج التي تسمى وثيقة، ويرى أن تمثل الشخص الشريف في الخاطر قد أغناه عن أنه يتقلد منه الكرى، وكفاه أنه ينشد:[الكامل] سر الخيال بطيفه لما سرى
ولم يحوجه حاشاه إلى أنه يزور له محضرا، ولا أنه ينشد:
أترى درى ذاك الرقيب بما جرى «١»
اللهم إلا أن يورد مورد العين أنفع ما يدخر، والعين الصافية ما برح عندها من الخيال الخبر، وإذا كان القلب متولي الحرب مع الأشواق، فكيف يشاحح الخيال على أنه متولي النظر؟ فحينئذ يشتاق إلى الوسن، ويمد له من الهدب الرسن، ويزور ويستزير، ويقصر ويتلو وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ
«٢» ويذهب لأجل ذلك مذهب من يرى أنه يقدم على الأيام الليالي، ويعظمها لأنه مظنة هجمة الخيال، ويجعل جفونه أرض تلك النجمة التي تغلب عليها، وما برحت تغلّب لها أرض الجبال؛ وأما النيل فكم احتقره المملوك بالنسبة إلى كرم مولانا ونواله، وتكرّه