وسددت إلى الغرض وفوقت؛ وأقول ولا أخشى: فمهما وصفته به من المحاسن صدقت، لأن الرجل أشهر من الشمس، وذكره أسير من «قفانبك» ، قد أنجد ذكره وأتهم، وأعرق وأشأم، وغنى به الملاح والحادي، وغني به سكان الجبل والوادي، هذا إلى ما له من المشاركة في علم الحديث، وحفظ المتون والرجال، والاطلاع على آراء الناس ومذاهب الأمم في الملل والنحل، وفرق الخلاف ومواضع الاختلاف، وضبط التاريخ، واستحضار الوقائع، وذكر نوب الدهر، وتصاريف الزمان، وأيام العرب والعجم، ومعرفة النسب ودول الخلفاء والملوك وأحوال الوزراء والكتاب والشعراء، ومشاهير الأمة والأعيان من أهل كل علم، والمقدمين في كل فن والمبرزين في كل صنعة، وأسماء الكتب المصنفة والمجاميع المؤلفة، وإجادة النظر في معرفة الخطوط، والإلمام بكتابة المكاتيب الحكمية والشروط، إلى معرفة الأمثال الجاهلي منها والمولد، والملوكي والسوقي، وأمثال الخواص والعوام، والعربي منها والعجمي، والأصل في ضرب كل مثل، مع إتقان قوانين الديوان مما لم يجمعه سواه، ولو تفرد بواحد منه كفاه، وبه انتفع كتاب زمانه وتخرجوا عليه، وتدربوا بين يديه.
أخذ الفقه عن ابن المنجّا، والنحو عن ابن مالك، والأدب عن ابن الظهير؛ وتنقل في الوظائف، وطلبه عمي إلى الديار المصرية بعد محيي الدين بن عبد الظاهر على معلومه، وكتب بين يدي الوزير ابن السلعوس، وقل أن كتب مدة مقامه بالحضرة مهم جليل إلا من إنشائه؛ وعين لقضاء الحنابلة بمصر فامتنع، حتى بعث إلى دمشق صاحبا لديوان الإنشاء، وأقام بها حتى مات.
ومن تصنيفه كتاب «حسن التوسل إلى صناعة الترسل» و «منازل الأحباب» و «أهنى المنائح في أسنى المدائح» من نظمه في المديح الشريف النبوي، زاده الله