إليها، وخيرها المواضع، فاختارت موضع الاسكندرية، وقسمت المدينة وصورها المهندسون، ثم عرفته ذلك، فأجاب إلى كل ما طلبت، وسار بجيشه فنزل على ذلك الموضع، وشرع في البناء، فكان كلما بنى بناء خرجت دواب البحر وعبثت به، وهدمته، فأقام زمانا، ونفذت الأموال، وضاق ذرعا فوفق له أن دل على بعض السحرة، فأحضره وشكا إليه ذلك الأمر، فوضع له طلسمات، وجعلها في آنية زجاج كالتوابيت فكانت في الماء حذاء (المخطوط ٢٤٥) الأبنية، فإذا جاءت دواب البحر فرأت الطلسمات والتوابيت نفرت فثبت البناء، وبنيت المدينة، وتمت بعد زمان طويل، ثم راسلها في المسير، فسارت بجميع قللها وعساكرها حتى نزلت حذاء، عسكره، وراسلته أنى قد أحببت أنى أحمل عنك مؤنة الإنفاق على العسكريين في أطعمة تصلح وأشربة، وقد أعددت لوجود الأمراء والقواد خلعا وتحفا حملا عنك لكرمك في بناء المدينة، فأحب أن تجيبني إلى ذلك، فأجابها، وأمرت بذلك، فعمل وأنفذت إليه: أنا أحب أن أراك وأرى سائر عسكرك في الميدان يلعبون ضروب اللعب، ويكون متصرفكم بعد ذلك إليّ لحضور الطعام والخلع، فأجابها، وتقدم بركوب الجيش وحمل السلاح واللعب، فلما فعل واشتد عرق القوم، انصرفوا إليها جميعا، فتلقاهم أصحابها بالخلع المسمومة؛ فلبسها وجوه العسكر، ولبس الملك جبير خلعته، وكانت أقل سما من غيرها إبقاء عليه لتبقى فيه بقية لخطأ بها، فما أقاموا إلا ساعة بالخلع حتى طفئوا وماتوا: ورأى ذلك بقية العسكر، فعلموا موضع الحيلة، فبادروا مستأمنين فنودى فيهم بالأمان، وبقى الملك بقية من الحياة، فأمرت أنه يحمل إليها فلما رأته في السياق قالت له: إن ملكا أنفق ماله وأفنى زمانه، ونزل ملكه، وجاء شهوة لا يدري أينالها، ولملك سخيف، وكان آخر كلامها بخروج روحه، فمات، ودخلت هي المدينة، وأقامت بها زمانا، وعادت إلى مصر.