ولعهود محبيها على ممر الأيام، وإن نسيها من نسيها،: غير ناسية، وينهي ورود الكتاب الكريم، فتسلى عن كل من حجبه النوى، وتملى بنضارته ومحاسنه عن وجه بالجفاء قد جف، وعصر بالذم قد ذوى، وعلم الإشارة العالية إلى أمر الحبيب النازح، والذي جد في الصد وكان غير مازح، وإنه استدل من كلام المملوك على شدة موجدته لبعده، وعدم صبره عن استجلاء وجهه، واعتناق قده، ودعا بعودة ذلك الغائب قبل أن يذوي عوده، ورجوعه قبل أن تنطفئ بطلوع الذقن سعوده، وقد تحقق تفضله، وهو نعم من أمّه الشاكى وأمّله «١» : [الطويل]
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة ... يواسيك أو يسليك أو يتوجع
ومنه قوله في كتاب إلى قاضي القضاة إمام الدين القزويني «٢» : أدام الله الأنس بقرب الجناب العالي القضائي الإمامي، وجعله للمتقين إماما، ورأيه للصواب زماما، ولقّاه بمنّه حيث يحل تحية وسلاما؛ ورد المشرف الكريم الذي تلقاه بقلبه قبل يده، وحل منه بمحل روحه من جسده، وناظره من أسوده، وسر بما تضمنه من أخبار قربه، وبما دل عليه من فنون فضله الذي المملوك منه على بينه من ربه، ويحقق الإشارة الكريمة في تعويض قضاء القضاة إلى نظره الكريم، وحصول التعويل في ذلك على مقامه الذي يتشرف به كل عظيم، ولقد نال هذا المنصب من جلالة قدره ما سر به واغتبط، وتحقق بمصيره إليه أنه على الخبير به سقط، ووصل التقليد الشريف، وقبل وقوبل بالامتثال، وحصل السرور به وعم، وكمل به هناء القلوب وتم، وعرض له من الارتياح إلى لقائه، ما سلبه القرار، وعظم به الشوق عنده أعظم ما يكون، إذا دنت الديار من