الحدثان، وثمرة جود أودعدت مدارج الأكفان، وربع أنس أمسى صاحبه بالخطوب خللا، وقادح أمر أضحى بيان أمره جللا، على أن الخطوب لا تزاحم إلا ثبيرا، ولا تعاند بورودها إلا كبيرا، وفي سجاياه الكريمة خلال قل أن تكون [في] غيره من الناس، وصفات تفرد بها وهي الثبوت عند هجوم الباس، ولئن غاب من سماء علائه هذا النجم الزاهر، وذهب أثره المنير الباهر، فكم في فلك محامده من نجم سيادة بأنوار الرئاسة ساطع، وكوكب فضل ما يقال له: هذا غارب حتى لا يقال لأخيه هذا طالع.
ومنه قوله من كتابق كتبه إليّ: وينهي أنه كان من خدم هذا البيت الشريف، والغني بسمة ولائه بين أوليائه عن التعريف، وقد سارت مدائحه في هذه البقية العمرية مغربة ومشرقة، ومنجدة ومعرقة، يهجم بها وجفنه لبعده عن باب سيده لا يذوق غمضا، ولا يعرف ليلا أقبل أو يقضى، وقصارى مناه أن لا يقبل فيه قول حاسد، أو جاهل، حاشا المجلس الشريف، أو عالم معاند؛ ومولانا يعذر المملوك، فإنه كتب هذه الضراعة والليل قد أسفر دجنه، والسهر قد ترسم المملوك حتى تغير ذهنه، والمملوك ما يتغير في هذا البيت المعمور العمري ظنه.
فكتبت له جوابا منه: وانتهى إلى هنا، والنسيم في السحر قد هلهل ثوب الظلام، وسحب رداءه على أعقاب ذيول الغمام، والجوزاء قد انتشرت تحت مسبح السرطان، وشعاع الشمس المحمر قد غرق في مقلة الأسد الغضبان، والديك قد طلع على شرف الجدار، وصاح في الليل منه جاويش النهار، والمصابيح قد فرغ سليطها، وكثر في ضوء الصباح تخليطها، فوقف المملوك وقفة الحيران، وتململ تململ